يوميات أناس عاديين
381
***********
أعتقد أن أبي كان يحبها ، فكثيرا ما كنت أراهما في لحظات الصفو يضحكان ، و يستندان إلى بعضهما البعض أحايين كثيرة . كنت أود أن يستمر هذا الود بينهما طول العمر .. أنا أعي جيدا أن سني لم يكن يسمح لي لأن أقوم بأي دور لإصلاح ذات البين بينهما .. ففي آخر المطاف أنا فقط " برهوش " ــ كما كنت أسمع منهما كلما تشاجرا ــ
كنت اكتفي بالحياد ولا أستطيع إلا أن أقف في الحياد .. ففي أخر الأمر هما أبواي وعقوقهما لا يُغتفر ، فما زلت أتذكر الأستاذة " حنان " تردد على أسماعنا : " كل الذنوب يؤخر الله ما شاء منها إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين فإن الله تعالى يعجله لصاحبه في الحياة قبل الممات " . وأنا يكفيني ما أنا فيه الآن .
في صراعهما اليومي ، لا شك أن أمي محقة بعض الشيء ، ولا شك أن أبي أيضا محق إلى حد ما ، لكنهما في كل الحلات لم ينتبها إلي أنا المتضرر الأكبر من خلافاتهما و لم يسمعا أنيني الخافت أو لم يرغبا في سماعه أصلا .
على عتبة باب البيت ، وضعت رأسي بين كفيًّ ورحت أتخيلهما ..شعرت بنفسي عاجزة عن قراءة أفكارهما المضطربة .أخذت أفكر في يومي وغدي .. كنت خافق القلب كعصفور صغير يحاول تجريب طيرانه الأول .. كنت أيضا منكسر الخاطر .. تمتمتُ : هذا الأب أحمقُ .. وهذه الأم مخلوقةٌ رعناءَ .
شعرت برغبة كبيرة في البكاء إلا أنني تذكرت قصة " الرجال لا يبكون " و أنا كثيرا ما قال لي أبي : " انت راجل " .
اقتنعت أني مخلوق لم يخلق للسعادة و الفرح والرفاهية وحتى الإكتراث بي من طرف الآخرين ، وكيف سيكترث بي الآخرون إذا كان أبي و أمي لا يهتمون بأمري ؟؟
إنني ما زلت لا أصدق مسلسل حياتي ، وكيف ستكون نهايته .
بقلم
أسيف أسيف // المغرب //
تعليقات
إرسال تعليق